استقالة بن شيخة وللصحافة نصيبها في زراعة الوهم
2011-06-05
الجزائر ـ 'القدس العربي' من كمال زايت: أحدثت خسارة المنتخب الجزائري لكرة القدم أمام نظيره المغربي برباعية نظيفة برسم الجولة الرابعة من التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس أمم إفريقيا زلزالا عنيفا في الشارع الجزائري، الذي لم يستطع تجرع خسارة ثقيلة أمام الجار المغربي، وهي خسارة تقضي تقريبا على أحلام الخضر في التأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2012.
الشارع الجزائري استعد للمباراة بكثير من الحذر والتخوف، بدليل أنه على خلاف المباريات التي خاضها 'الخضر' خلال السنتين الماضيتين، لم تكن هناك أي مظاهر للفرح أو الاحتفال قبيل المباراة، إذ كانت العاصمة والمدن الكبرى غارقة في صمت ولا شيء كان يدل على أن المنتخب سيخوض مباراة حاسمة أمام نظيره المغربي.
عندما دقت الساعة التاسعة ليلا بتوقيت الجزائر تسمر الملايين من عشاق المنتخب أمام أجهزة التلفزيون في البيوت أو في بعض المطاعم والمقاهي، وخلال الربع ساعة الأول من المباراة بدت مظاهر الأمل في العودة بنتيجة إيجابية، خاصة وأن ذكرى مباراة الذهاب التي فاز بها الخضر بنتيجة هدف دون رد بقيت عالقة في أذهان الكثيرين.
ولكن عندما بدأ لاعبو المنتخب المغربي يمطرون شباك الحارس رايس وهاب مبولحي بالأهداف تبخرت كل الأحلام، وبدأ الجميع يخشى من هزيمة ثقيلة ومذلة تبقى محفورة في الذاكرة، خاصة وأن أشبال المدرب البلجيكي إريك غيريتس تلاعبوا بدفاع المنتخب الجزائري الذي انهار تماما.
تنفس الجمهور الصعداء نوعا ما عندما صفر الحكم نهاية المباراة، لأن الفاتورة كان بالإمكان أن تبلغ خمسة أو ستة أهداف أو أكثر في الشوط الأول وحده.
بعض الأنصار الغاضبين الذين التقتهم 'القدس العربي' عقب المباراة حملوا المسؤولية كاملة للمدرب عبد الحق بن شيخة، مؤكدين أنهم كانوا يشعرون بأن الأمر يتعلق بفريق آخر غير الذي تعودوا على رؤيته يلعب، فضلا عن الأخطاء الكبيرة التي ارتكبت في خطي الدفاع والوسط، دون الحديث عن الهجوم الذي كان غائبا، على حد قولهم.
وذكر مناصر كان في قمة الغضب أنه لا يفهم كيف لمدرب منتخب وطني أن يخوض المباراة بستة أو سبعة لاعبين في خط الوسط الدفاعي، مشيرا إلى أن خيارات المدرب كانت خاطئة تماما، وأنه جاء بتجارب مخبرية أراد تجريبها فوق أرضية الميدان، في حين أنه كان من الضروري أن يعتمد خطة كلاسيكية.
قضية المنتخب في الجزائر تتجاوز حدود الرياضة، فقد استعملته الحكومة طوال السنتين الماضيتين كمسكن للمشاكل والأزمات التي تعيشها البلاد، فتحول هذا المنتخب الذي تأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا العام الماضي بفوز تاريخي على مصر، الى الشجرة التي تغطي غابات كثيرة، لكن الشجرة بدأت مع الوقت تفقد أوراقها بعد أن حل الخريف بسرعة، قبل أن تهب رياح المنتخب المغربي في مباراة الليلة قبل الماضية وتعصف بما تبقى من هذه الشجرة.
آخر الأخبار تقول ان المدرب عبد الحق بن شيخة قرر أن يرمي المنشفة ويستقيل بعد الهزيمة المذلة التي ألحقها به المدرب البلجيكي إريك غيريتس، ولكن الشارع الجزائري يتساءل عن فائدة هذه الاستقالة الآن، وقد انتهى كل شيء تقريبا وأضحت حظوظ 'الخضر' في التأهل إلى نهائيات أمم إفريقيا القادمة في خبر كان.
وبدأت الأصوات ترتفع أمس في شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت، بضرورة فتح تحقيق لمعرفة المتسببين في هذه 'المأساة الكروية'، ووجهت أصابع الاتهام مباشرة لرئيس اتحاد الكرة محمد راوراوة الذي يعلم الجميع أنه يتدخل في كل صغيرة وكبيرة تخص المنتخب. كما أنه المسؤول الأول عن إسناد العارضة الفنية للمنتخب لبن شيخة الذي لم يسبق له أن درب منتخبات أو أندية كبيرة بينما كان الأنصار يفضلون مدربين محليين أثبتوا جدارتهم، أو مدربا عالميا مهما كلف ذلك من ثمن، فضلا عن أهمية معرفة مصير الأموال الضخمة التي وضعت بين أيدي الاتحاد.
أصابع الاتهام بدأت توجه أيضا للصحافة الجزائرية التي لعبت العديد منها دور 'المتواطئ' في هذه 'المسرحية الرياضية'، علما بأن الكثير من الصحف تحولت إلى ناطق باسم اتحاد الكرة، ومسبّح بحمد اللاعبين والجهاز الفني، رغم أنها كانت شاهدة على الكثير من الانحرافات والتجاوزات التي وقعت منذ السنتين الأخيرتين، ولكنها فضلت الصمت والتستر عليها، وحتى انقلابها المتأخر على اللاعبين والجهاز الفني والإداري لن يعفيها من تساؤلات قرائها وتقريعهم لها.
